2024/11/10 1:31

معاناة المرأة العربية… الى متى؟

منذ فجر البشرية اتُّهِمَت حواء بأنها سبب طردْ آدم من الجنة. وهكذا اعتُبِرتْ ناقصة عقل ودين منذ ذلك الحين!! اضطُهِدت الأنثى عبر التاريخ بكافة أنواع العنف الجسدي والثقافي والاجتماعي ثم جاءت الأديان السماوية فعمِلَ الرجل على إِخاطة الدين ليناسب مصلحته وهكذا بُنيَت على هذا الأساس قوانين الأحوال الشخصية متخذة شرعيتها من القرآن في المنطقة العربية. كل هذا أدى إلى تراكم مشاكل وعِقَد فضاعت طاقات هائلة نسائية وتقوقعت وانعزلت عن اتخاذ القرار فأصبحت تابعة لوالدها، لأخيها، لزوجها وحتى لإبنها…وضاعت حقوقها كإنسانة …

استطاع الغرب أن يتخطى الفرق بين الرجل والمرأة بنسب متفاوتة بعد صراعات طويلة وصلت فيه المرأة في بعض هذه الدول إلى المساواة الكاملة بين الرجل والمرأة في كافة الحقوق والواجبات.. من أكثر الدول التي اختفت فيها التفرقة الجندرية هي الدول الاسكندنافية وخاصة في أيسلندا..

 

ولكن في هذا المقلب من العالم مازالت المرأة العربية تعاني للحصول على أبسط حقوقها الانسانية فمثلا بعض الدول مازالت تعفي عن الشاب الذي يغتصب فتاة إذا وافق أن يتزوج ضحيته وهكذا تُغتصب هذه الفتاة مرّتان، مرة من قِبَل مجرم مريض ومرة أخرى من قبل قوانين وأعراف أكثر مرضا وإجراما…..

هنالك دول أخرى حيث مازالت المرأة لا تستطيع أن تعطي جنسيتها لأولادها فتعاني هي وأولادها طوال حياتها.. ولكن من الأمور الطارئة في أيامنا هذه هي الأوضاع السياسية والأمنية التي تعاني منها معظم دولنا العربية والتي ظاهرها ديني وطائفي وباطنها مصالح وهيمنة وجشع بالإضافة إلى تراكم عصور من القمع والقهر مما أدى إلى تأخر هذه الدول عن ركوب عصر الحداثة والعلمنة والتكنولوجيا فضرب الفقر والجهل كافة المجتمعات . هنالك أكثر من 50 مليون عربي أُميّ وأكثر من 40 % من هذه المجتمعات دون مستوى الفقر والمفارقة أن الفئة المستهدفة هي معظمها بنات ونساء.

 

لذا قررت النساء الأخذ بزمام الأمور وابتدأت تتوجه نحو مراكز القرار حتى استطاعت أن تفرض كوتا نسائية وصلت في بعض الدول مثل تونس والجزائر إلى المناصفة في الحكم في الدستور ولكن بعض الدول مثل لبنان حيث التمثيل النسائي في البرلمان لم يتعدى 4% في تاريخه وحاليا وبعد ما يُسمى انتخابات نيابية 2018 وصلت الى سدة البرلمان 6نساء من أصل 113 ترشّحن. ثلاثة منهن تجدد لهن وثلاثة حديثات في الإطار السياسي. هي نتيجة مخزية للبنان ولكن هذا مؤشر على ان العمل لنشر ثقافة وجود المرأة في مراكز القرار يجب ان يتضاعف في المرحلة المقبلة وهكذا في ان هذه النسبة ستُبقي لبنان في أسفل اللوائح الإقليمية والعالمية.. ولكن هذا كله لا يعني أن المرأة غير قادرة على تبوأ مراكز القرارإنما تراكم القيود الاجتماعية والدينية عبر التاريخ وضع العثرات والصعاب في طريقها فأصبح نضالها عسير ولن يستطيع أحد أن يثنيها عن الوصول إلى ماتطمح إليه.. المرأة العربية هي متميزة بجيناتها المتنوعة والصلبة التي تجعلها قادرة على تحقيق ما تصبو إليه والمرأة اللبنانية ستتابع بعد هذه التجربة السياسية التي مرّت بها ولسوف يتضاعف عدد النساء المرشحات في المرحلة المقبلة…

أقول لكل من يقرأ هذا.. ليس من حال يدوم.. بالعمل والإصرار والمثابرة والمتابعة لا بد لليل أن ينجلي ولا بد للقيد أن ينكسر…

نبذة عن الكاتب

خلود الوتار قاسم: تخرجت من الجامعة الأميركية في علوم الاجتماع والإنسان حاصلة على دبلوم تعليم أيضا من الجامعة الأميركية، وحاصلة على ماجستير علم الاجتماع السياسي من الجامعة اللبنانية. أسست جمعية “أمهات من لبنان” ٢٠٠٨ وترشحت على الانتخابات النيابية في ٢٠١٣-٢٠١٤ وخاضت الانتخابات في ٢٠١٨. حضرت وحاضرت في عدة محافل إقليمية ودولية حول حقوق الإنسان والمرأة بالأخص. أسست جمعية “لبنانيات نحو مراكز القرار” وهدفها وصول المرأة إلى مراكز القرار ومكافحة جميع أشكال العنف ضد المرأة ٢٠١٨

 

عن كاتب ضيف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اتصل بنا
close slider