2024/03/29 6:40
الأب شكرالله شوفاني

الأب شكرالله شوفاني الراهب اللبناني “دكتوراه دولة في الفلسفة”

الأب شكرالله شوفاني الراهب اللبناني “دكتوراه دولة في الفلسفة”  شكرالله بن مخايل بن اسحاق بن جرجور “شقيق الخوري إبراهيم” بن الخوري يوسف بن الخوري طانيوس بن الخوري جرجس بن طانيوس شوفاني.

سليل أسرة أعطت أكبر عدد من الكهنة الذين خدموا في بلدتنا، إبتداءً من جده الأكبر الخوري جرجس إبن المهاجر طانيوس، لكنه تفوق على جميع مَن سبقه وعاصره من كهنة رميش بكثرة علومه ووسع ثقافته ونشاطه الدائم وإنجازته الهامة في مختلف الميادين.  ولد عام 1935 في رميش، حيث أنهى دروسه الإبتدائية، ودخل طالباً في الرهبانية اللبنانية – الكسليك في 11 تشرين الأول عام 1951، ثم مبتدئاً إعتباراً من تموز 1952 في نسبيه “غوسطا”. كانت نذوره الرهبانية في 20 تموز 1954.

تابع دروسه الثانوية في الكسليك، وبعد حصوله على الباكالوريا، أُرسِلَ إلى معهد سان – أنسِلم للبندكتان في روما لمتابعة دروسه العليا في الفلسفة واللاهوت، وأمضى سبع سنوات هناك حصل فيها على إجازة في الفلسفة واللاهوت عام 1963 وأكمل دراساته العليا حتى سيم كاهناً في 29 كانون الثاني 1967. لم يَـرتَـوِِ الكاهن الشاب من بحر العلم، بل سافر في نفس العام إلى فرنسا حيث تابع دروسه في السوربون حتى عام 1969، عندما تفرغ لدراسة الغزالي، بعدها عاد إلى روما مدافعاً عن دكتوراه دولة، فحصل عليها بدرجة “مشرِّف جداً”. عاد الأب الدكتور إلى لبنان عام 1969، وأصبح أستاذاً للفلسفة في جامعة الروح القدس – الكسليك، وعيَّن نائباً للعميد. درَسَ الفلسفة اليونانية واللاتينية، وتمحور تعليمه على أوغسطينوس وأنسلم والأكويني. إعتباراً من عام 1978 بدأ يدرِّس الفلسفة الحديثة وبخاصة ديكارت وكانط. شغل الاب شوفاني منصب مدير للدروس في كلية الفلسفة بين عامي 1980 و 1986، حينها عيّن عميداً لكليتي الفلسفة والعلوم الإنسانية ولكلية الآداب حتى 1992، بالإضافة إلى منصب نائب رئيس الجامعة للشؤون الداخلية في الجامعة إعتباراً من 1990 حتى 1992.

نظَّم الأب شوفاني العمل الأكاديمي خلال فترة عمادته لكلية الفلسفة والعلوم الإنسانية، وعمل على نشر “برنامج الدروس وتوصيف المواد” عام 1987، وكرَّس جهده على المتابعة المنهجية لأبحاث الطلاب العلمية ممن يحضرون أطروحاتهم. كما أسس “قسم اللغات” سنة 1980 التابع حالياً لكلية الأداب، وبعد إعادة تعيينه عميداً لكلية الآداب لمرحلة ثانية عام 1992. أسس “قسم الترجمات” ووضع له برامج من أشهر ما تحقق في هذا الميدان، ومن تقاليد الرهبنة اللبنانية المارونية ومن تراث لبنان. وفي 29 أب 1995 جُدد تعيينه عميداً لكلية الآداب لمدة ثلاث سنوات أخرى.

نشر الأب شوفاني في إطار أبحاثه الفلسفية مقالات عدة، منها على سبيل المثال: “تكوين الفكرة الفلسفية” 1873، “مفهوم الفلسفة” 1974، و”المدرسة الميزية وفلسفة الطبيعة”. ونُشرت له في مجلة “المسيرة” مقالات حول فكر كانط تحت العناوين التالية: “الفرد والمجتمع في فلسفة كانط” و”الفرد وتكوين الدولة في فلسفة كانط” “النشر في المسيرة بين العامين 1980 و 1982” وجُمِعَت هذه المقالات ونُشرت معاً في “حوليات الفلسفة والعلوم الإنسانية” تحت عنوان “الفرد والمجتمع في فلسفة كانط” “المجلد 6، 1992”.  من جهة أخرى، وبعد تعمق في دراسة الغزالي، كرَّس الأب شوفاني له عدة مقالات في الأعداد الأربعة الأولى من “حوليات الفلسفة” تحت عنوان “الغزالي في أبحاثه العقلية” عن الأعوام 1987 حتى 1990.

وعلى

الأب شكرالله شوفاني وعلى يمينه فيليب الحج

عاش أهلنا وأجدادنا في ظروف قاسية، لكنهم نذروا أنفسهم لتعليم أبناءهم آملين بجيل جديد متنور يعود إلى بلدته فيسير بعزها، مثلما فعلوا هم ومَن قَبلهم. أمسك الأب شوفاني هذه القاعدة، فلم يدع شأناً إنمائياً يخص أهل رميش إلا شارك به، متبرعاً بوقته، موظفاً علاقاته، غير باخل بعلمه ومشورته. ترأس الندوة الثقافية إعتباراً من عام 1969 حتى عام 1995، وهي تجمع شباب المنطقة في إطار نشاط ثقافي، واهتم بنشر “صوت الندوة” الصادرة عنها بشكل متقطع، وهي تعتبر من أهم المناشير الصادرة في تاريخ رميش، وكانت تُعنى بمختلف وجوه الحياة في البلدة والمنطقة.

آمَن الأب شكرالله بالمؤسسات، وهو دعم الجهود التي آلَت إلى إصدار مرسوم فتح الثانوية الرسمية عام 1973 وشراء أرض لتشييد مبنى لها عام 1975، وحصل من رئيس الجمهورية الشيخ أمين الجميّل على مرسوم إنشاء مركز صحي عام 1985.

جال على أهالي رميش في مناطق النزوح والإغتراب، فزار بلاداً عديدة ووضع جهوداً جبارة كي يُعيد الإتصالات التي فقدت أثناء الحرب بين المقيمين والمهاجرين. جمع كل ما وصله وخبره ودرسه من معلومات عن رميش وأهلها في مجلد من 650 صفحة أصدره عام 1996 بإسم “تاريخ رميش”. هذا الكتاب الذي يعتبر أيقونة بين الكتب التي تحكي عن حياة الضيعة اللبنانية من جميع نواحيها ماضياً وحاضراً، استند فيه، بالإضافة لسعيه الشخصي، على ما توصل اليه من سبقه في هذا المجال، خاصةً كتابات الحاج إبراهيم مارينا، والكتاب الذي ألفّه خمسة جامعيين من رميش بعنوان “رميش 1697-1992″، بالإضافة إلى مئات المراجع عن تاريخ جبل عامل ولبنان والمنطقة. وضع الاب شكرالله في كتابه نظرية أن الشوافنة هم أول من وصلوا إلى رميش وأسسوها، مخالفاً بهذا نظريات سابقة. توج الكاهن الجليل إنجازاته بتأسيس دير سيدة البشارة في كروم الوعرة – رميش، وهذا حلم عمل على تحقيقه بإذن ممن تعاقب من رؤساء عامين على الرهبانية وبدور لا يمكن التغاضي عنه للأب نعمة الله عون. الدير هو الأول في المنطقة التابع للرهبانية اللبنانية المارونية، التي بدأت التوسع جنوباً في القرن التاسع عشر، من خلال دير سيدة مشموشة في جزين، وبعده دير مار أنطونيوس في النبطية.

طموح الأب شكرالله لم يقتصر على حدود بناء الدير الذي دُشِّن عام 1996، فهو إستدرج المساعدات المحلية والدولية لبناء مركز رعوي ومدرسة وأكاديمية، أتبعها بفرع من جامعة الروح القدس – الكسليك.  زائر دير سيدة البشارة اليوم يجد صرحاً دينياً وعلمياً مجهزاً وكامل المواصفات. ساحات واسعة ودروب معبّدة توصل إلى مبانِ منفصلة لإستعمال الرهبان والمدرسة والمعهد والكلية، بالإضافة إلى كنيسة صغيرة تقام فيها المناسبات الدينية ومدفن وقاعات للإجتماع. تتماهى كلها وسط حدائق غنّاء، تزينها غابة أرز صغيرة محاطة بصنوبرات باسقات، فأشجار مثمرة تواكب السائر أينما طاف، وكروم منسقة تعيد إلى ذاكرتنا إسم المكان.

لست أول شخص يكتب عن الأب شوفاني، وأذكر ممن سبقوني الدكتور أنطوان نجيم الذي استقيت من مقالته المعلومات عن دراسات الأب شكرالله. كاتب هذه النبذة أخوكم فيليب الحاج كعربون محبة وشكر للأب الجليل الذي أفادني بمعلومات قيمَّة ومنحني بركته بعد عدة إجتماعات معه.

كاتب هذا التقرير

فيليب الحاج: موظف في وزارة المالية بيروت. ناشط إجتماعي على الشبكات التواصل يُعنى بشؤون بلدته رميش وسائر البلدات اللبنانية من خلال سلسلة صفحات لمختلف المناطق. يقوم بأبحاث عن تاريخ لبنان والمسيحيين فيه خاصةً لجهة إنتشارهم في جبل عامل.

عن كاتب ضيف

اتصل بنا
close slider