رميش بلدة جنوبية حدودية ترتفع عن سطح البحر بمعدل 635 متراً. تبعد عن بيروت حوالي 135 كلم وهي البلدة الأبعد جنوباً. تتبع لقضاء بنت جبيل الذي ألحق بمحافظة النبطية عند إنشاءها عام 1994.
الوصول من بيروت إلى رميش عن طريق أوتوستراد الجنوب مروراً بالدامور، صيدا، صور الناقورة، ثم الإتجاه شرقاً بمحاذاة الحدود إلى مثلث “القوزح، دبل، عيتا” ومن عيتا إلى رميش.
يرجّح أن أصل الإسم سرياني ويعني غروب الشمس نظراً لأن البلدة محاطة بثمانِ هضاب تجعل الغروب فيها أبكر من البلدات المحيطة. تبلغ مساحتها مع خِرَبَها 20 ألف دونم، بالإضافة إلى أجزاء ضمّتها إسرائيل في نقاط مختلفة، أبرزها في منطقتي قطمون وسموخيا.
الخِرَب والمزارع المحيطة برميش هي: خربة كورا، جباب العرب، قطمون، سموخيا، المنصورة، وخربة كرسيفا.
هذه الخِرَب كانت مسكونة في أزمنة مختلفة، ففي قطمون قلعة رومانية ما زالت قائمة حتى يومنا هذا، وفي منطقة كورا أثاراً تعود لعهود قديمة….
بلغ عدد المسجّلين على لوائح الشطب عام 2016 لإنتخابات البلدية 5250 شخصاً، مما يدّل أن عدد السكان الإجمالي يناهز العشرة ألاف. الجدير بالذكر أن رميش شهدت عدة موجات هجرة في تاريخها، أبرزها كان في نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، هذه الموجات استمرت حتى يومنا هذا بحيث يقدَّر عدد الرميشين المنتشرين، أو المتحدرين من أصل رميشي بأكثر من خمسة ألاف شخص. المميز أن العلاقات لم تنقطع بين المغتربين والمقيمين حتى يومنا هذا، باستثناء فترات الحروب الصعبة وإقفال الحدود.
الجدير بالذكر أن عدد الوحدات السكنية بلغ “حسب إحصاءات البلدية” 1400 وحدة عام 2017، تزداد بمعدل 3.5% سنوياً، إذ طلب السكان حوالي 50 رخصة بناء جديدة. *يضاف نسبة من الوحدات غير السكنية، إذ درج في المدة الأخير بناء مراكز صناعية وتجارية عدة مواقع.
يعود تأسيس رميش الحديثة إلى أواخر القرن السابع عشر، حين بدأت عائلات “مارونية” أتت من البلدات المحيطة “عيتا، عين إبل، بنت جبيل…” بإستثمار سهل رميش وإنشاء منازل لها على تلة صغيرة تقع بين بركتين إلى الجنوب الغربي من السهل.
تم تدشين كنيسة مار جرجس في رميش عام 1750 بعد حوالي عشر سنوات على تأسيسها، وبرزت البلدة ككيان سياسي عام 1797 إثر تعيين أحمد باشا الجزار لضاهر شوفاني شيخاً عليها.
توجّه الأجداد إلى الجليل كان بناءاً لخطة الأمير فخر الدين الثاني المعني الذي تولّى على صفد عام 1600 فبدأ بإرسال عائلات مارونية ودرزية جنوباً بهدف صَهر المنطقة في لبنان الكبير. وصول أجدادنا إلى رميش تم في أواخر العهد المعني، لكن الخطة نفسها أكملت في العهد الشهابي، حين وصلت مزيد من العائلات إلى رميش والجوار.
تكتلت العائلات الواردة إلى رميش ضمن أربع مجموعات هي: الحاج، شوفاني، العلم، والكلاسنة. كانت سياسات البلدة تتمحور حول هذه العائلات التي لم تزل مؤثرة حتى يومنا هذا.
شهدت أرضها عدة زلازل أهمها الهزة التي حدثت في أول يوم من عام 1837 وأدّت إلى تدمير كورة ونزوح أهلها.
الصراعات السياسية أوصلت إلى حرق البلدة وتدمير كنيستها وتهجيرها عام 1795، وكانت العودة اليها بعد عامين بمباركة أحمد باشا الجزار. كانت البلدة عرضة لغزوات البدو الذين كانت مضاربهم على التلال المجاورة لجهة الجنوب والجنوب الشرقي. لم تتوقف هذه الغزوات حتى إعلان دولة اسرائيل وإقفال الحدود عام 1948.
بدأت الهجرة من رميش إلى البلاد البعيدة “خاصةً في أميركا الجنوبية” عام 1893، رحل بعض الأجداد على دفعات حتى نشوب الحرب العالمية الأولى عام 1914، أما من بقي فقد عانى المآسي من أعمال سخرة وتجنيد إجباري وأمراض سارية ومجاعة زادتها موجة الجراد، حتى إنتهى عدد السكان إلى حوالي 350 شخصاً بعدما كان عددهم يفوق 800 قبيل الحرب.
إختارت رميش والبلدات المحيطة الإنتماء إلى دولة لبنان الكبير نظراً لتحدّر أهلها من جبل لبنان. هذا الخيار أدى إلى حصول ضغوطات على الأهالي من قِبَل المجموعات المؤيدة للدولة العربية بقيادة الأمير فيصل في سوريا. دخلت رميش تحت الإنتداب الفرنسي الذي استمر حتى حصول لبنان على إستقلاله عام 1943. وفِي عام 1948 أوت رميش نسبة كبيرة من اللاجئين الفلسطينيين الذين بقيوا فيها حتى أوائل الخمسينيات حين تم توزيعهم على مخيمات في الداخل اللبناني. بدأت رميش تتعرض لمضايقات المنظمات الفلسطينية في الستينيات، المضايقات زادت مع توقيع إتفاق القاهرة عام 1969 وصولاً إلى حصار المنطقة بعد إندلاع الحرب في 1975 وإحتلال إسرائيل عام 1978 والذي استمر حتى عام 2000
أوضاع رميش اليوم:
السياسة: تتمثل رميش في الندوة البرلمانية من خلال نواب بنت جبيل الشيعة، ويقوم فيها مجلس بلدي من 15 عضواً بالإضافة إلى أربعة مخاتير.
الإقتصاد: تعتمد نسبة كبيرة من العائلات المقيمة في رميش على الزراعة حيث يعمل الجزء الأكبر في زراعة التبغ مع وجود الأشجار المثمرة كالزيتون والتين والعنب والرمان والتوت، بالإضافة إلى زراعات موسمية من البقول والخضار. يتجه شباب رميش بأعداد ملحوظة إلى الوظائف العامة من عسكرية ومدنية. توفّر إستثمارات أهم مصادرها المغتربين من أبناء البلدة، أدَّت إلى إنشاء مؤسسات بدأت بإستيعاب اليد العاملة الرميشية في قطاعات إنتاجية كالصناعات الخفيفة والتجارة وخاصة البناء.
التعليم: توجد في رميش مؤسسات تعليمية رائدة في المنطقة، على رأسها فرع كلية الروح القدس الكسليك، الكائن في حرم دير سيدة البشارة إلى جانب مدرسة تابعة للدير. ثانوية رميش الرسمية انطلقت عام 1974، وكان لإستمرارها تأثير إيجابي على صمود الأهالي في رميش والمنطقة طوال زمن الحرب، كما كان لوجود هذه الثانوية الفضل بإستيعاب مهجري شرق صيدا عام 1986. كما يوجد في رميش دور حضانة ومعهد مهني ومدرسة رسمية بالإضافة إلى مدارس خاصة ابرزها مدرسة سيدة لبنان للراهبات الأنطونيات.
توافر المدارس والمعاهد والكليات وتعدد إختصاصتها حوَّل رميش مع الوقت إلى مركز إستقطاب ثقافي.
تعتبر رميش اليوم من البلدات العشر الأول في لبنان من حيث مستوى التعليم فطلابها يفوزون بالمراتب الأول بكافة الإختصاصات، ويحوز أبنائها على أكثر من 700 شهادة جامعية بالإضافة إلى عشرات الدكاترة في مختلف الإختصاصات.
العمران: بقيت مباني رميش محصورة بين البركتين حتى خمسينيات القرن الماضي، حيث بدأت تتوسع في مختلف الإتجاهات. بيوت رميش اليوم تشكّل دائرة كبيرة حول البركتين بالإضافة إلى زحف البناء إلى المرج والكروم وكورة القديمة والعريض الغربي وجباب العرب وخربة كرسيفا والمعتق والوعرة وبعض مساحات سموخيا وقطمون.
السياحة: تعتبر رميش بلدة سياحية بإمتياز، فهي تحتوي على ثلاثة منتجعات كاملة “فندق، مطعم ، ومسبح” بالإضافة إلى العديد من المطاعم والمقاهي والسوبرماركت…
معلوم أن البلدية تقدمَّت بطلب تصنيف البلدة، ويبدو أن التأخير ببته يعود إلى أسباب سياسية.