بيروت لم تجرِ السفن حتى بالنسبة الى شربل غضية، لتكون أو لا تكون الرياح. كل ما تطلّبه الأمر ليكون حيث هو اليوم- أي مساعد مدير إنتاج إقليمي متنقل بين سوريا ولبنان والعالم العربي – بين أشهر المسلسلات والعمل مع 7 شركات إنتاج في الوطن العربي، أن يأخذ قراراً نتيجة معركة نهر البارد بخلع البذة العسكرية التي يحترمها كثيرًا، حسب وصفه، برتبة رقيب بعد 5 سنوات في الخدمة العسكرية. يفتح مطعمه الخاص في زغرتا، يعيد إغلاقه ويقبل أن يكون شخصًا عاديًا يؤدي لقطة ثانوية أي كومبرس في مسلسل “إتهام” مع الفنانة ميريم فارس بدور حارس شخصي bodyguard وذلك بفضل إيمان المخرج فيليب أسمر به. فوق كل هذا التخلي عن حياته الشخصية ويكرس نفسه لهذه المهنة فهو “محكوم بعقود عمل”.
من حضن المخرج أسمر، الذي أقدم على هذه الخطوة الجريئة نسبةً للحياة المتواضعة التي يعيشها الرجل من كفرحبو قضاء الضنية، في منزل عادي، مع عائلة “عسكرية” بامتياز فربّ عائلتها عسكري متقاعد في الجيش اللبناني وأخيه في السلك العسكري كذلك الأمر، الانسان أي شربل لم يحلم حتى أن يكون خارج إطار الجيش يغرف من حب الوطن ولا يعرف أساسًا ما هو عالم التلفزيون باعتباره لم يحصّل تعليمًا جامعيًا أكاديميًا في عالم التمثيل ولا الكتابة ولا ما يمت لهم بصلة، بل اكتفى بـ”البكالورياس”. مفتاحه لعالم الأضواء هذا، كان رجل الأعمال مجد جعجع الذي قدم له الدعم الكافي في التمثيل وادارة الإنتاج.
يمر الوقت برفقة شربل، وهو يعدد ويكرر عبارات الشكر لشركات الانتاج التي عمل معها، من “ميرا آيجنسي” mira agency ، الى ميرفت حكيم ومكتبها، واسماء لا يعرفها الا من يعرف بعالم الافلام والسينما والتلفزيون جيدًا. قد لا يعني الأمر شئ لمن هو خارج المجال، ويحكم عليه بالغرور، لكنه عندما يخبر كيف كان يزور مواقع التصوير، ليكون شاهدًا متعلّمًا ميدانيًا وبالخبرة على مواقع التصوير ليكتشف كيف يركّب الديكور، يعرف لم هو معتدّ بنفسه. لا يطير شربل بتبني خالد السيد له الذي تعرف عليه عبر مسلسل “تشيللو” الذي عرفه على المنتج إيلي معلوف (شركة فينيكس برودكشن phoenix production) وبدء كمساعد مدير إنتاج مشبهًا هذه الوظيفة بوظيفة نادل المطعم الذي يخدم الزبائن لكن بدل هؤلاء يجب ان يرضي الممثلين متماشيًا مع حاجاتهم لتأدية الدور متحملًا بذلك مسؤولية الصغير والكبير. يعلل نهاية التعاون مع ايلي معلوف بعدم التوافق المهني، على الرغم من اعترافه بحرفية الأخير فهو ينظر إليه بعين “المثال الأعلى” فيخبر: ” خلال نصف مسلسل “ذات ليلة” (كتابة جوزف عبيد)، إتصل بي المنتج معلوف، وهذا الاتصال الذي من المفترض ان يكون اشارة سلبية فتراتبية شركات الانتاج لا تقتضي الاتصال بي انا مساعد مدير الانتاج، فاعتقدت انني قمت بخطأ جسيم، لاكتشف انه يعينني في ادارة الانتاج “.
لا يرتبط اسم شربل عبر محرك البحث “غوغل” لا بكل الحب وكل الغرام ولا بغيره، فتكاد لا تصدق انه في هذا المركز، لكن على الرغم من “إختفائه” عن وسائل التواصل الاجتماعي، فهو عمل على ادارة انتاج هذه المسلسلات المعروفة. من هنا انتقل إلى مروى غروب وأدى مهام متعددة منها مدير مواقع دون وساطة “لان الشغل نظيف، مع ضمير” هكذا بنى سلسلة علاقات مع الرجل الاول بالانتاج العربي حمادا جمال الدين واستلم مسؤولية ضمن “إنترناشونيل فيلم وميديا ريفولوشين سفن وفالكون” ووصل الى نايف وديالا الأحمر وعمل معهم في شركة غولدن لاين.
نهاية التعاون مع ايلي معلوف لم تكن سطرًا في نهاية حياته العملية، على الرغم من أن معلوف اراد تحريم هذا القطاع عليه كما يقول ويكمل ” عملت مع صديقه مروان حداد الذي استجوب الاخير عن سلوكي … وطلعلي شهادة حسن سلوك”. يحاول شربل أن يثبت لنفسه اولًا ان هذه المهنة “بتطعمي خبز” ثانيًا أن عالم الفن والتمثيل ليس محتكرًا للنزعة الشهوانية لمدراء الإنتاج الذين يدفنون بهذه الطريقة المواهب الحقيقية في المنازل فيطلب أن “يكون هناك يد أخرى معه لتصحيح هذه الصورة، صورة تسليع المراة في الفن، اي ان تتحول سلعة جنسية بيد من يملكون مفاتيح المجال” فيرغب الأهل تعليم وتشجيع اولادهم الانخراط في هذا العالم الذي اصبح عالم شربل الخاص المكوّن ليس فقط من اصدقاء بل أخوة على حد تعبيره ويحلم بابعاد شبح التجارة عنه باعتبار اصبح المنتج يفكر فقط “بالبيع” فبطل المسلسل النص، وجماليته فعندما “أضحك أو أبكي” يفعل المشاهد.
لا يسمّع شربل دوره. كل ما يفعله الاندماج بالحالة، الاحساس بها، لكل هذه الخصال الحميدة وصلت شكوى الى نقابة الفنانين تقول ” شربل عم ياكل البيضة والتقشيرة”.