القدس (رويترز) – قُتل ستة على الأقل يوم الجمعة في أسوأ أعمال عنف بين الفلسطينيين والإسرائيليين منذ سنوات وهو ما دفع إسرائيل لاتخاذ إجراءات أمنية جديدة في حرم المسجد الأقصى.
وقُتل ثلاثة إسرائيليين طعنا في مستوطنة بالضفة الغربية التي تحتلها إسرائيل بعد ساعات من مقتل ثلاثة فلسطينيين في أعمال عنف نجمت عن تركيب إسرائيل أجهزة للكشف عن المعادن على مداخل المسجد الأقصى.
وأمر الرئيس الفلسطيني محمود عباس بتعليق كل الاتصالات الرسمية مع إسرائيل إلى أن تزيل أجهزة الكشف عن المعادن. ولم يذكر تفاصيل لكن الاتصالات الحالية مقتصرة إلى حد كبير على التعاون الأمني.
وقال عباس في كلمة بثها التلفزيون “أعلن تجميد الاتصالات مع دولة الاحتلال، وعلى كافة المستويات لحين التزام إسرائيل بإلغاء الإجراءات التي تقوم بها ضد شعبنا الفلسطيني عامة ومدينة القدس والمسجد الأقصى خاصة، والحفاظ على الوضع التاريخي والقانوني للمسجد الأقصى”.
والإسرائيليون الثلاثة الذين قتلوا طعنا بالإضافة إلى امرأة أصيبت من مستوطنة نفيه تسوف بالضفة الغربية. وقالت وسائل إعلام إسرائيلية إن جميعهم من أسرة واحدة وهما رجلان عمر أحدهما 60 عاما والآخر 40 عاما وامرأة عمرها 40 عاما.
وقالت وسائل الإعلام الإسرائيلية إن المرأة الجريحة (68 عاما) نُقلت إلى المستشفى مصابة بطعنات في ظهرها.
وقال الجيش الإسرائيلي ووسائل إعلام إن المهاجم تسلل إلى المستوطنة تحت جنح الظلام لينفذ الهجوم.
وقالت الإذاعة الإسرائيلية إنه شاب فلسطيني عمره 19 عاما من قرية بالضفة الغربية قرب رام الله. وأضافت أنه أصيب بالرصاص ولكن حالته لم تكن معروفة في بادئ الأمر .
واندلعت في وقت سابق اشتباكات بين المصلين الفلسطينيين وقوات الأمن الإسرائيلية.
وتزايدت التوترات منذ أيام مع رشق الفلسطينيين الشرطة الإسرائيلية بالحجارة واستخدام الشرطة قنابل الصوت بعد تركيب أجهزة لكشف المعادن خارج الحرم القدسي الشريف بعد مقتل شرطيين إسرائيليين في 14 يوليو تموز.
وقالت وزارة الصحة الفلسطينية إن محمد شرف (17 عاما) ومحمد حسن أبو غنام الذي لم يعرف عمره توفيا نتيجة إصابتهما بأعيرة نارية في حيين بالقدس الشرقية ليسا على مقربة من مركز التوترات بالمدينة القديمة. كما أبلغت عن سقوط قتيل ثالث هو محمد لافي (18 عاما) في وقت لاحق.
ولم يتضح على الفور من أطلق الرصاص فيما قالت تقارير إعلامية غير مؤكدة إن إسرائيليا من مستوطنة بالضفة الغربية المحتلة القريبة هو الذي قتل شرف.
ورغم الضغوط الدولية لإزالة أجهزة كشف المعادن قررت حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو الأمنية في الساعات الأولى من صباح الجمعة الإبقاء على الأجهزة قائلة إنها ضرورية لمنع تهريب الأسلحة للحرم.
واحتجاجا على ذلك تجمع آلاف المصلين عند مداخل الحرم القدسي قبل صلاة الجمعة لكنهم رفضوا الدخول مفضلين الصلاة في الخارج. وعجت بهم أزقة المدينة القديمة.
وقال مفتي القدس والديار الفلسطينية محمد حسين “لا نقبل أي قيد على باب المسجد الأقصى المبارك”.
وحثت زعامات دينية وفصائل فلسطينية سياسية المسلمين على التجمع في “يوم غضب” احتجاجا على السياسات الأمنية الجديدة التي يرون أنها تخل بالاتفاقات التي تحكم الأمور في الحرم القدسي منذ عقود.
وعبأت الشرطة الإسرائيلية وحدات إضافية ووضعت حواجز للتفتيش عند مداخل المدينة القديمة. واقتصر دخول الحرم على من تجاوزت أعمارهم 50 عاما والنساء من جميع الأعمار. ونصبت حواجز على الطرق المؤدية للقدس لوقف الحافلات التي تحمل المسلمين إلى الموقع.
وفي أحد المواقع قرب المدينة القديمة حاول رماة أحجار اختراق صف للشرطة التي استخدمت قنابل الصوت لتفريقهم.
قال المتحدث باسم الشرطة الإسرائيلية ميكي روزنفيلد إن أربعة رجال شرطة أصيبوا في اشتباكات متقطعة بينما قال الهلال الأحمر الفلسطيني إن ما لا يقل عن 377 محتجا أصيبوا بعضهم نتيجة استنشاق الغاز.
وانهالت على نتنياهو يوم الخميس مطالبات بإزالة أجهزة الكشف عن المعادن تفاديا لاشتعال الموقف. وناقش الرئيس التركي رجب طيب إردوغان الأمر مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس ثم اتصل بالرئيس الإسرائيلي رؤفين رفلين لحثه على إزالة الأجهزة.
ودعا نيكولاي ملادينوف، منسق الأمم المتحدة الخاص لعملية السلام المتوقفة منذ فترة طويلة بين الفلسطينيين والإسرائيليين، إلى الهدوء. أما البيت الأبيض فحث على تسوية الأمر. ويشارك الأردن، المشرف الرسمي على المسجد الأقصى، في جهود الوساطة أيضا.
لكن حكومة نتنياهو الأمنية المؤلفة من 11 عضوا قررت بعد اجتماع في وقت متأخر من الليل الإبقاء على أجهزة كشف المعادن. وقال مسؤولون إن الأجهزة ضرورية لضمان ألا يُهرب الفلسطينيون وعرب إسرائيل أسلحة إلى الحرم القدسي بعد أسبوع من هجوم قتل فيه ثلاثة من عرب إسرائيل بالرصاص شرطيين إسرائيليين في محيط الحرم القدسي.
وكان أعضاء من اليمين المتطرف في حكومة نتنياهو، التي تعتمد على دعم الأحزاب الدينية واليمينية، دعوه علنا لإبقاء الأجهزة.
وقالت الحكومة الأمنية في بيان “إسرائيل ملتزمة بالحفاظ على الوضع القائم في جبل الهيكل وإتاحة حرية الوصول إلى الأماكن المقدسة”.
وتابعت قولها “الحكومة فوضت الشرطة باتخاذ أي قرار بهدف ضمان حرية الوصول إلى المواقع المقدسة مع الحفاظ على الأمن والنظام العام”.
وسبق أن تأججت توترات حول الحرم القدسي وتحولت لأعمال عنف. وفي عام 2000 عندما زار زعيم المعارضة آنذاك أرييل شارون الحرم واعتبر الفلسطينيون ذلك استفزازا. وأدى ذلك إلى اشتباكات تحولت إلى الانتفاضة الفلسطينية الثانية التي شهدت مقتل ألف إسرائيلي وثلاثة آلاف فلسطيني على مدى أربعة أعوام من العنف.
(إعداد دينا عادل وأحمد صبحي خليفة للنشرة العربية)