2024/11/10 1:30

كيف يصبح “الحضور فاعلًا” بالـ”إتيكيت”؟

معرفة نتائج سلوكنا مسبقاً يثنينا عن الفعل، ماذا لو قدمت لك الحياة فرصة التعلم من أخطاء يرتكبها معظم الناس فترفع من مستوى شعبك لينافس أكبر ممالك الدنيا بالرقي من عامة الشعب إلى نخبه؟ هذا ما يقدمه التدريب على آداب السلوك واللياقة والحضور الفاعل.

هكذا كان لنا حوار مع المتخصصة في علم الإتيكيت والبروتوكول سلام سليم سعد التي ميّزت بين آداب السلوك واللياقة، علمًا ان الاثنين يختلفان من بلد لبلد، حضارة لحضارة، من منطقة لمنطقة.

 

لا يوجد في العالم اختصاص اسمه “الإتيكيت” إلا لدى سلام سليم سعد، الدكتورة بعد الانتهاء من أطروحتيها في جامعة “كامبريدج” و international college of UK، بدأت مسيرتها بتواضع من الأدب الإنكليزي ثم تخصصت في العلوم الاجتماعية، وذلك في الجامعة اللبنانية.

اهتمت منذ صغرها بآداب السلوك والحياة، كان ذلك منذ كانت في 13 عاماً؛ حيث تلقت دروساً مكثفة في الإتيكيت و Finishing school من السيدة شيلا هموندز.

في التسعينات عملت محررة لصفحة “إتيكيت” كما آداب السلوك والحياة في مجلة “الحسناء” الأسبوعية.

 

ترينا بفخر أرشيفها الذي جمعته في كتيّب واحد، تخبر “خلال هذه الفترة عملت مع أشخاص من الـVIP، أي من الصف الأول، ورجال أعمال وزوجات رجال ناجحين وكبار. هذه النجاحات لم تروِ عطشها للعلم حولت شغفها بالـ”إتيكيت” إلى تخصص جامعي. بحثت عمن يعلم “الإتيكيت” أكاديمياً فلم تجد ذلك في كل الكرة الأرضية، تروي يمكن “القيام بدورة لـ3 أشهر، أسبوع، لكن شهادة تخصصية جامعية في الـ”إتيكيت” في كل العالم لا توجد”؛ لذا ما كان أمامها إلا اختراع وسيلة تمكنها من تحصيل شهادة جامعية في الـ”إتيكيت”، فكان أن درست العلوم السياسية، تخصص علوم دبلوماسية، ودرست دبلوم علوم سياسية، وخصصت رسالة الماجستير للبحث في أثر الإتيكيت والبروتوكول في العلاقات الدولية، وتتابع حالياً الخطوات النهائية لرسالة الدكتوراه في العلاقات الدبلوماسية وفي العلاقات الدولية، بمعنى أنها حاولت أن تشمل رسالتها البروتوكول والإتيكيت.

الأمل الذي تعطيه ليس كونها تحب العلم ومستمرة نحو شغفها، بل “انو ست بهل عمر”، تقولها بخجل، لو كانت ما زالت صبيّة، على حد نظرة المجتمع “لازم كون متل أبرز الستات، ست بيت، موظفة”، وعلى الرغم من هذه النظرة السائدة لديها شركتان منهما STEPSS – specialized training for protocol and etiquette and soft skills وتتعامل مع كبريات المصارف، والشركات في لبنان والعالم العربي ولائحة طويلة.

على الرغم من كل انشغالاتها استقبلتنا وشرحت لنا عن مهنتها وعملها الذي تحب، مكررة مرات متعددة: “هذا ما أقوم به” بمعنى أن هذا من اختراعها وجهدها. في الواقع هي تقوم بخدمة اجتماعية كبيرة للعالم العربي تعمل على رفع المستوى في التعامل فاصبحت خبيرة بالإنسانية بزاوية جديدة لم تكتشفها بعد دراسات حول الإنسان بنظرها يجب على كل إنسان امتلاك المهارات الناعمة Soft skills، أي المهارات الحياتية المرغوبة والمطلوبة في الوظائف الهامة والتعامل مع الآخرين، كالحوار، وحل النزاعات والمشكلات، والتعامل مع الشخصيات الصعبة وهي تساعد على تطوير الذات تشرح: “هذه المهارات معترف بها عالمياً تختلف عن آداب السلوك واللياقة ويجب أن تكون موجودة عند الكل؛ لتصبح قاعدة اجتماعية موحدة تنمي العلاقات الاجتماعية والمهنية، فكل ما كان الشخص لديه قدرة امتلاك هذه المعلومات والتصرف بها كل ما مكّن نفسه وصوّب المجتمع”.

 

حلمها هذا الذي حققته لذاتها وتعمل به غير مدرج بعد في المنهج التعليمي المدرسي على عكس الولايات المتحدة الأميركية مثلاً التي أدرجت مهارات حياتية في منهجها، معتبرة أن خطوة كهذه تحتاج إلى أبحاث؛ لذا يبقى أمام المواطن الذي يريد أن يطور بنفسه إما الانخراط بجمعيات المجتمع المدني أم التوجه إلى معاهد ومراكز تدريبية كـ STEPSS وللمركز التدريبي اليوم شراكة مع معهد العائلة المقدسة – بيت الشعار.

تتمنى أن يتم إدخال هذه المادة في التعليم المدرسي لو مرة في الأسبوع، وكان لها تجربة ناجحة بذلك مع مدرسة العائلة المقدسة حتى الصف الخامس الابتدائي مع 150 تلميذاً.

تفتح سلام المجال أمام الجميع بهذه الدورات في مركزها، فضلاً عن الشراكات، لافتة إلى أن الجميع يدرس المنهج المتعلق بآداب السلوك واللياقة لديها، إلا أن طريقة تقديم المعلومة تختلف بين الأعمار.

سلام سليم سعد قامت بتشكيل تخصصها من تخصصات متعددة

 

متى نقول هذا آداب السلوك وذاك لياقة؟

تسرد بعمق الاختلاف بين الاثنين فهناك اختلاف لو يتم التدريس بهما كوحدة غير مجزأة. تبدأ بالخلفية التاريخية، مشيرة إلى أن التسمية كانت مختلفة وهي savoir vivre وأصبحت في وقت لاحق “إتيكيت”، إذ بالحروب العالمية حضر اختلاف بوجهات النظر، ففي السابق كان للسيدة أسبقية، وحضورها محصور في الاجتماعي، وحين بدأت المراة الانخراط في المسار المهني تم التداول بـ”الإيتيكيت المهني”، حالياً لا يمكن اعتماد مصطلح “إيتيكيت مهني واجتماعي” بل تم استبداله بالـ”إيتيكيت الدولي”، وهو عبارة عن اختلافات بين الشعوب، فالذي يصحّ في لبنان لا يصح في جارتنا الإمارات، كما يشمل كل ما له علاقة بلغة الجسد وتضفي معلومة جاذبة “حتى إننا نتعلم كيف نقرأ وجوه الآخرين أو نصحح تعابيرنا، كي لا نعطي إشارات خاطئة، علماً أننا لا نركز على العادات والتقاليد، إلا إذا كان كسرها سيخلق بلبلة في المجتمع، بل على القيم وما يحيطها”.

من يلجأ لـ”الإتيكيت”؟

تتعدد الأفكار الخاطئة حول “البروتوكول والإتيكيت” فيتم اعتماد بعض التصرفات وهي خاطئة ويتم كسر قواعد اجتماعية كـ”الأسبقية”؛ إذ في هذا العلم يركز على هذا المبدأ، ويعني عندما يكون لأحدهم مقام أعلى من الآخر (عمر، لقب، رتبة) ولا علاقة للخبرة بالمبدأ، الأدنى مرتبة نسبة لهذا الترتيب، لا يجوز له طلب وسائل التواصل معه وهذا يدرب عليه. توجد أخطاء شائعة كثيرة تخبر فلا أحد معصوم عنها؛ لذا الـ VIP، أي ذوو الصف الأول يعملون على بعض الأمور في شخصيتهم فلا يتعذبون مع الإعلام والجمهور ويتعلمون كيفية الوصول للناس أكثر وأكثر ويصبحون قادرين على بناء علاقات أعمق والانتباه للتصرفات والحديث والحوارات، هذا الذي نسميه بالكاريزما وتعني ثقة بالنفس.

يلجأ لسلام لتعلم هذه المهارات الكثير من السياسيين، والاقتصاديين، والفنانين، والدبلوماسيين.

تتداخل هذه التدريبات كذلك الأمر مع تصرف الاعلاميين؛ لأنهم يلتزمون بآداب السلوك، والإعلامي هو جزء من المجتمع. تروي كيف أن أحد الأحزاب طلب تدريباً، واعتقدت أنه لشخصين فقط وتفاجأت بالصالة ممتلئة. سألت: “كل هؤلاء يتدربون للانتخابات؟” ففسروا لها أن التدريب حاصل باعتبار أنهم لا يدركون شكل التحالفات، والمعني بالانتخابات يكون قد تدرب إلى حين الانتخابات، فيكون الحضور الفاعل ويتم التدريب على الخطابة وكيفية التحاور والتعامل مع وسائل الإعلام كالتهرب من الأسئلة المحرجة، والإجابة على الأسئلة بطريقة أو بأخرى، وإيصال الفكرة التي يريدونها، وليس تلك التي يريد الآخر سماعها، إضافة إلى العمل على الطلة الذكية، وهذا هو الحضور الفاعل.

 

عن كاتب ضيف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اتصل بنا
close slider