2024/04/28 9:50

إنها وصمة عار !

بقلم: لورانس عجاقة ترجمة: ريتا بولس شهوان- بيروت – يمرّ المجتمع في عصر “غريب عجيب”، فجوهرنا الانساني ممزق باللامبالاة والضجر. لامس الارتقاء، القادر على تغيير اتجاه مجرى الكون بمجمله، ذروته. ومع ذلك فإننا بالكاد نمتلك القشرة السطحية لأي مظهر من مظاهر اللياقة. وإلا كيف يمكن للمرء أن يفسر مشاهد الطفل الذي يبحث في القمامة حرفيًا فقط لسد جوعه بالبقايا؟ الى اي درجة انحرفت البوصلة الأخلاقية فلا تحرك هكذا صورة الا تفاعلًا آنيا يتلاشى في دقائق لا بل ثوانٍ؟

ليست استفاضة القول اننا جذبنا هذا الوباء بوعي الى انفسنا. اصبح لدينا مناعة ضد مشاهد العنف والفقر. حالة هذا الطفل هي القاعدة وليست الاستثناء فأشباهه منتشرون في خلفية كل شارع لكل بلد. هو رمز فقدان البراءة والرحمة التي تفسدنا جميعًا. إنه نموذج لبرودتنا عندما يتعلق الامر بمواجهة ضميرنا. تم التغلب على هذا الضمير بالاستسلام نتيجة الضربات المستمرة للنزعة الاستهلاكية وفائض التحسس بعد الهجمة التكنولوجية .

 

يناسبنا جميعا القاء اللوم على التكنولوجيا لكنها كذبة. لا ننكر ان القوة الجاذبة للتكنولوجيا كافية لتجميد حواسنا لكنها محاول يائسة اخرى لايجاد كبش محرقة لاراحة الضمير. وصحيح ان المنظمات الدولية والحكومات تستخدم التكنولوجيا كاداة للتحكم بنا لكن ذلك لا ينفي دور الارادة في المشاركة في ذلك. نبحث عن الذوبان في احضان التكنولوجيا كملجأ من الحقيقة. نحن مذنبون بقدر الذين نتهمهم بقمعنا.

مع ذلك، اثببت التكنولوجيا انها اداة استثنائية لتأدية حروبنا المعيشية ولكننا مع ذلك لا نستخدمها. نفس التكنولوجيا التي انتجت الاعلام الجديد جددت بتقنيات الزراعة لدرجة ان لا رجل ولا امراة ولا طفل يجب ان يتضور جوعاً. ترمى كميات فائضة من الاكل في حياة الرفاهية التي نعيشها يوميا. حتى المزارعون يخسرون نسب من انتاجهم فقط لان الفواكه والخضار لا يلمعون بالقدر الكافي ليشتريها المستهلك. وبالتزامن هناك جزء اخر من البشر يكسب معيشته بصعوبة  ليحقق الحد الادنى لينجو من الجوع.

 

لا تهدف هذه الكلمات الى الهجوم على المجتمع، لكن دعوة لخرق ذواتنا الباطنية المطمورة بعمق لتتماثل مع معايير واقعنا الاناني  . لمرة واحدة  يجب علينا جميعا تامل هذه المشاهد والصور والغوص في ذواتنا لايجاد الانسان الذي فينا الذي ما زالت  كرامته متحققة أقله في الماكل والمشرب والمسكن.

عن كاتب ضيف

اتصل بنا
close slider