عندما يكون شخص ما مريض بشكل خطير، قد تشكّل معنوياته الفرق بين الحياة والموت. يعتقد البعض أن كل مريض يجب أن يكون على دراية جيدة بمرضه للتفاعل معه بشكل صحيح. قد لا ينطبق ذلك في بلادنا. ففي العالم الغربي، يتم إعداد الأطفال ليكونوا أقوياء وواقعيين، أمّا في مجتمعاتنا فالأمر مختلف تمامًا لأننا ننمو قريبًا جدًا من أهلنا فهم حاضرون دائماً في حياتنا ، ويعلموننا أن نكون عاطفيين ومعتمدين على الأهل والأقارب.
صحيح أنه من المتوقع أن يقوم الأطباء بإبلاغ المرضى بكل التفاصيل الأخيرة المتعلقة بمرضهم ، لكن هل هم على قدر المسؤولية؟ الأطباء في العالم الغربي يبقون ساعات مع مرضاهم ويشرحون الحالة بدقة كما يقدمون النصيحة والدعم العاطفي. أمّا المشاورات هنا فتأخذ معدّل عشر دقائق وهذا الوقت لا يكفي حتى لكسر الجليد ناهيك عن إخطارهم بمثل هذه الأخبار المدمّرة. أي مريض سيدفع بكل سرور الرسوم المطلوبة إذا شعر بالقيمة والأمان. لكن الأطباء هنا يفكرون في أنفسهم بطريقة بشعة في حين أنهم الأداة التي يساعد بها الله مخلوقاته فحسب.
أين الإنسانية؟ كيف يكون مقبولاً تجاهل مشاعر المريض والتخلص من الأخبار في أبرد طريقة سريرية؟ لا أحد يدعي أن إبقاء مريض جاهل حول مرضه بالأمر الحكيم خصوصاً في العصر الذي نعيش فيه، ولكن علينا القيام بذلك عن طريق التعاطف. ألا يكفي أن يكون المريض أصلاً على حافة الموت؟ هل من الضروري حقا ًدفعه على الحافة؟ يحتاج الأطباء إلى إعادة النظر في أخلاقياتهم وطريقة تفاعلهم مع المرضى بمعنى تجاري بحت. لطالما كان التعاطف جزءاً حيوياً من كونك طبيباً، لذا دعونا نسترجع هذا الأمر.
ينبغي على الأطباء التنازل عن غرورهم، إذ رفع المجتمع من وضعهم إلى درجة أنهم غارقون في شعورهم بالاستحقاق. فمن كان بالأمس ملاكاً بات اليوم حامل الأخبار السيئة. يجب أن يكون هناك سبب لتدهور خدماتنا الطبية؛ موقف الأطباء والنهج النقدي المحسوب هو السبب الذي يجعل لبنان يفقد مركزه كمقدم هام للخدمات الطبية.