لن يكون بعد الرابع من اب كما قبل الرابع من اب.
وان كنا نتمنى ان يكون اللبنانيون صناع وطنهم ، ان يتفاهموا وينقذوا البلد، فلشدة جسامة الخطر ، ولشدة الفساد، ولغياب الاخلاق في لبنان،
توصل الرئيس ماكرون ان يتوجه الى اهل الحكم في لبنان كما يتوجه الحاكم الى المحكومين ، ودعاهم الى تفعيل الاصلاح، وتطوير النظام، وتحسين الاستماع الى الناس، والتوجه نحو عقد سياسي جديد، وتعديل الدستور ، والاسراع في التغيير … وكان صريحا وشفافا، ومتواضعا ومفيدا.
وفي لقائه الناس خلال جولته في موقع الحدث الفاجعة والاليم… توجه للناس بالقول ان حركة ١٧ تشرين لم تنجح في ترجمة ذاتها في السياسة، لذلك فان الحراك البطيء في تطوره يواجهه الجسم السياسي المترهل الذي يتأخر في رحيله.
وعليكم التنور والاجتهاد في تعزيز ثقافة الحياة ، والتطور والذهاب الى انتخابات تؤدي الى التغيير الديمقراطي والواعي.
ما هي الخلاصة لزيارة سياسية وانسانية بامتياز؟
على الصعيد السياسي، تبين ان زعماء الاحزاب أقزام جبابرة بعد مائة عام من عمر لبنان الحديث. كما تبين ان الاجيال السابقة التي نسجت لدولة لبنان الكبير كيانا ميثاقيا بامتياز، كانت اكثر ذكاء وحنكة من زعماء الطوائف الحاكمين اليوم والمتسلطين على رؤوس الناس.
وعلى الصعيد العلائقي بين دولة ودولة يشكر رئيس دولة فرنسا لانه يخاطب اللبنانيين بلغة حضارية ، فهو لا يفكر عنهم بل معهم حتى يجدوا مسالك الاصلاح والتغيير، وإلا لا مجال للارتقاء بلبنان.
وعلى صعيد الشعب كان مؤسفا ان يطالب بعض اهل الصحافة من الرئيس ماكرون، في باحة قصر الصنوبر ، ان تنتدب فرنسا لبنان، وكان مؤسفا اكثر ان يطالب البعض من اهلنا ان تهتم الدولة الفرنسية بإنقاذ لبنان من حزب الله.
ماذا نفهم مما رأينا وسمعنا؟
نفهم ان الدول التي لا تحترم نفسها ، هي التي لا يستقيل حكامها بشرف فتصيبهم المذلة ويقضون على شعوبهم واوطانهم.
نفهم ان الشعب الذي لم يتعلم في مدارس وطنية معنى المواطنة، يبقى افراده في حنين الى فرنسا، وايران، والسعودية، وسوريا، وتركيا، وفلسطين، الخ،؛ ومن يدري الى اين يقود مثل هكذا حنين؟ أقل ما يمكن اعتماده انه يقود الى اللااخلاق والى القيء، خاصة عندما اجاب ماكرون نفسه للناس انه ليس موكلا بانتداب بلد سيادي ، وليس هذا هدف زيارته الى لبنان ، وعلى اللبنانيين ان يتعلموا ويتثقفوا على معنى الحرية واحترام الاخر، والاهتمام بالبلد الذي هم منه وله.
نفهم ان الدول التي لا تحترم نفسها ، هي التي لا يستقيل حكامها بشرف فتصيبهم المذلة ويقضون على شعوبهم واوطانهم.
نفهم ايضا اننا بحاجة الى مئوية ثانية لنبدأ المراحل الاولى من اكتساب الوطنية.
نفهم ايضا ان الفكر الثائر الذي عجز عن ترجمة ذاته في السياسة ما زال يواجه جسما سياسيا يتأخر في الرحيل.
ونفهم في ما نفهم أننا لم نتعلم من الألم كيف تكون الوحدة، ولم نتعلم من خسارة الارواح والاملاك كيف نصون ارضنا ووجودنا، ولم نتعلم ان الغرب صديق والشرق صديق ان عرفنا ان ننظف اداراتنا من اللامسؤولين، ومن الخاملين، ومن الكسالى، ومن اللااخلاقيين … واذا امنا ان صندوق الانتخابات هو اسهل وسيلة للتغيير.
يا بيروت يا ست الدنيا يا بيروت! لن تركعي…
يا لبنان الانسان دحرج الحجر واخرج من الجحر ، و ليكن غدك النور الاتي، وليكن غدك الروح المنبعثة من رماد القهر…