2024/12/21 14:30

حين يترجّل الفارس بين يديّ آكلة الجُبنة: حكاية عسكر

بروفسور بيار خوري – تقول الحكاية ان فارساً عربياً كان يركب فرساً اصيلاً حين رأى رجلاً يتكور على نفسه ويئن من الألم. ناداه الفارس ليصعد خلفه فأجابه انه لا يستطيع الحركة ويرجوه ان يترجل لحمله فوق الفرس. فعل الفارس واصعد الرجل إلى ظهر الفرس فما كان من الاخير إلاّ ان لبط الحصان ليعدو مسرعاً تاركاً الفارس وحيدا في أرض قاحلة. فناداه الفارس قائلاً اذهب فالفرس حلالٌ عليك لكن ايّاك ان تخبر أحداً بما جرى كي لا يقال لقد ماتت المروءة بين البشر.تلك حكاية الساسة مع العسكر في لبنان!

منذ قيام الدولة كان للقوى النظامية دوراً مفصيلياً في حماية الدولة ومؤسساتها وفعاليتها. وهذه القوى هي جزء من صناعة الاستقرار الداخلي في الدولة. وحين انهارت وانقسمت هذه القوة انهارت الدولة. اعيد بناء العسكر بعد الحرب الأهلية برعاية الأطراف الاقليمية والغرب ولولاه لما نجا لبنان من قطوعات متناسلة داخلية وخارجية اذكر منها ٢٠٠٠، ٢٠٠٥ ،٢٠٠٨، ٢٠١٤ حتى فجر الجرود.ألغيت خدمة العلم رغم أهميتها في خلق وتعزيز الروح الوطنية لدى الشباب. اتهم الجيش وبالمداورة من قبل القوى السياسية على اختلافها واختلاف مصالحها في لحظات سياسية معينة. من جيش “حزب إيران” إلى الجيش “الذي ترعاه الولايات المتحدة” وبينهم الف تهمة من عيارات أصغر.

 

ومن نوافل القول انه بعد ١١ أيلول بات الإنفاق على العسكر والامن هو الجزء الرئيس من صناعة الاستقرار وتالياً صناعة الاقتصاد والرفاه.”حقيقة الأزمة تكمن في أن الدولة اللبنانية لم تدفع مبالغ جدية لتسليح الجيش منذ ثمانينيات القرن الماضي، واكتفت بالاعتماد على الهبات. فليس صحيحا ان هناك مؤامرة اجنبية وان واسرائيل لا تسمح بحصول الجيش اللبناني على اسلحة حديثة وطائرات. فوزراء الحكومة اللبنانية هم من باعوا طائرات ميراج 3 E التي كان يملكها الجيش اللبناني وهم من رفضوا الهبة الروسية المؤلفة من 10 طائرات MIG-29.” (عن موقع احد أحزاب السلطة).هل يعقل تخفيض الميزانية العسكرية في منطقة هي الأكثر انفاقاً على التسليح نسبة للناتج المحلي الإجمالي مقارنة بكل اصقاع الأرض؟يقول تقرير معهد اسوكهولم المتخصص بدراسات السلام ان نسبة الإنفاق العسكري في الشرق الأوسط بلغت 5.2% من الناتج المحلي لدوله، وهي النسبة الأعلى عالميا.. . كما أنّ سبع دول من أصل عشر هي الأكثر إنفاقًا على التسلّح في العالم مقارنة بناتجها المحلي، موجودة في الشرق الأوسط.ويذكر المعهد أنّ سلطنة عمان أنفقت ما نسبته 12% من ناتجها المحلي على التسلّح، بينما أنفقت السعودية 10%، والكويت 5.8%، والأردن 4.8%، وفي البحرين 4.1% وفي الكيان الإسرائيلي تصل النسبة إلى 4.7%. نحن في لبنان ننفق اقل من 3% من الناتج.

 

ترى ما هذا الحرير الذي ننام عليه؟القوى الأمنية هي أيضاً احد مستوعبات التوظيف وصناعة الأمل لأجيال الشباب الذين يعجز الاقتصاد عن ادماجهم ولولا هذا المستوعب لكنّا رأينا عشرات الالاف تحت رحمة المخدرات والجريمة المنظمة.انظروا إلى ذلك الفارس المتروك وحيداً في أرض قاحلة وتعلّموا ان ما يتم اليوم من سياسات وقف التطويع والتطاول على حقوق الجنود والضباط وسرقة أموال المتقاعدين سينتج ذهنية فوارس يحاذرون الترجل عن صهوات جيادهم. ففي لعبة نزع المروءة…. البادئ أظلم.

عن كاتب ضيف

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

اتصل بنا
close slider